الأربعاء، 28 مايو 2008

آلام المشتاق...... passion of me


عشر سنوات مرت , كان الوجع الذي يطرح الجمال حبيس جوفه وروحه, عشر سنوات وكأن سكينا تخترق احشائه كل ساعة, لم يكن الطعام يستقر في جوفه ولا كان النوم يرسل وسوساته للعيون المتعبة, ليله سهاد وخناجر في الاحشاء , كان لاينام ولاتنام امه من شدة الفزع, اتعجب من قدرته علي الصمود عشر سنين, كان ممدا علي الفراش والام الرؤوم تضع الثلج علي جوفه لتخفف من حرقته, طلب الطب فحار اهله في امره , قالوا ياولدي مابك كأنه الخبيث لكننا لانملك الدليل, ولادواء سوي المسكنات التي باتت لاتنشر الا الملل في الجسد بدلا من الراحة, اشار عليه القوم ان اذهب الي العمرة ومن ماء زمزم اشرب, فعل. فكانت ايام هندة وحسب مالبثت ان خانها ذاك الوجع وعاد الي غزواته وصولاته.
اشتد عليه الامر حتي اصبح لاينام في اليوم الا ثلاث ساعات, ذبل الجسد وغارت العيون وتساقط الشعر من فروة الجلد,اشار طبيب بان لابد من صرف نوع من الكيماوي العلاجي المخفف , نصح اخرون بان الامر جاوز الحد, اصبح ينام بالمخدر ومنامه كوابيس لاناس هم اقبح من احدب نوتردام,ذهب الي ارض مصر لعله يجد فيها حلا فلطالما كانت مصر بالنسبة اليه بيتا ووطنا افتراظيا, لامزيد من الحلول كل الاطباء كرروا نفس الحديث الضعيف (مابك كانة الخبيث لكننا لانملك الدليل), عاد الي مستقره الاول في بلدته المنيرة, التمس في ليل الوجع ابوب السماء , بكي من حرقة الاوجاع , وفي يوم اتاه صديق من فرنسا فعلم باحواله فطلب من امه ان تخبره ان يخرج لصلاة العشاء في تلك الليلة في المسجد, خرج مع صديقه وكان الجسد كالشبح , اراد الصديق التخفيف من الوجع فازداد الامر واستوي علي اوجاعه, في الركعة الاخيرة خرج راكظا الي البيت كان الوجع والحمي قد بلغا منه الوهن واصابا منه كل بنان.
ثم انهار الجسد علي الارض ليصحو في منصف اليل ليجد نفسه محاطا باخوته التسعة واخواته السته وامه وزوجة ابيه كان الدمع هو الوحيد الذي يصدر صوتا,لكنه حينما صحي لم يجد للحمي ولا للوجع اثرا , كأن الماء القراح قد استقر في جوفه , اخذته الرؤوم الام وهي تبكي بين ذراعيها , كان صوتها يبكي فرحا وحزنا , لم يفهم شيئا سوي ان الوجع توقف وان جبلا كان فوق اكتافه قد زال, تقدم الاخ الكبير الرحيم وقال :ياحبيب القلب الحمد لله علي السلامه وكان يمسح دموعه , توقف هنية ثم اطنب وقال: لقد اغميت فحملت الي المشفي قال الطبيب بعد اجراء التحاليل هذا الفحل لايشكتي شيئا انما مابه سحر ورب الكعبة , ثم قال كان يخرج من الفم اصوات قبيحة لم نعهدها من قبل والفاظ اشد قبحا, تلونا شيئا من كتاب الله فخمد الصوت وتوقف الرعاش من الجسد وماتت الالفاظ علي الشفاه , ثم تقيئ الفم شيئا كأنه الفحم الاسود واشياء كانها اتت من جهنم , كان الممدد بين اخوته واخواته يستمع والعيون تتكلم والاخ الكبير الرحيم قال: الان هل ارتاح الفتي؟ رد الفتي لم افهم شيئا! لكني مرتاح الان , كان الوجع قد زال كان ممددا وهادئا كانت اول ليلة ينام فيها قرير السريرة , كان انا.
ودمتم سالمين.

السبت، 24 مايو 2008

احملني لاخر مره


قلت له احملني علي ظهرك.
قال حسنا هيا.
مشي خطوات ثم توقف.
قال انت الان كبير جدا .
قلت له انا اصغر منك, ثم اني اخشي السير وحدي.
قال انزل وسوف اريك انك كبير بما فيه الكفايه لتمشي وحدك وانك شجاع.
قال تعال معي الي الوادي.
وصلنا وكنت امشي مسرعا لالحق خطواته الضخمة.
قال امشي الان في الوادي وحدك.
مشيت فارتطمت قدمي الصغيرة بحجر فادمت فصرخت وقلت اللعنة.
رد علي صوت رخيم جدا وقال اللعنة.
غضبت وقلت اسكت انت .
قال انت ورددها كثيرا.
قلت ساقتلك. رد اقتلك مرارا. اردت منه ان يتدخل ليعرف من يريد قتلي ويردد كلامي , كان واقفا بعيدا يضحك فقط.
قال هل افرغت كل غضبك ايها الاسد الجريح ؟
قلت اريد ان اعرف من يرد علي .
قال اسمع , اصرخ باعلي صوتك انا احبك , فعلت فرد الاخر احبك وكررها. ضحكت جدا
قلت انت محترم فرد محترم .
قلت اريدك صديقا فرد صديقا , قلت تعال نذهب اليه هو في قمة الجبل وقف وقال وابتسم انت الان كبير بما فيه الكفاية لتذهب وحدك , انت لاتحتاج الي ظهري لتركب كما كنت من قبل .
قلت له والرجل الذي يريد صداقتي لماذ كان غاضبا ثم اصبح رقيقا ؟ قال لا احد هنا, انت مع نفسك, وكان الجبل وسفح الوادي يرددان اقوالك.
ياولدي العالم مكان رائع يمكن ان نحبه بمجرد ان نحب انفسنا لقد احبك الصدي حينما احببته اذن انت الان قادر علي السير وحدك .لاتخف من السير وحدك لاتخف من السقوط.
ضحكت وقلت له حسنا احملني علي ظهرك لاخر مره كي اودع العالم من فوق راسك .
ضحك وقال ايها الرائع ساظل احملك طول العمر.
لقد كان ابي.
ودمتم سالمين

الاثنين، 19 مايو 2008

حي بن يقظان









تخيل نفسك خارج عالم البشر, في اجازة من اشغالك وهمومك وكل ماله علاقة بالمدنية, تخيل نفسك في عالم صنعه الله صنعا متقنا الي درجة يحار فيها الوصف الا ان تشهق لما تراه, تخيل نفسك تملك كل ما تراه امامك وخلفك وعن يمينك وشمالك لكنك بحق لاتملكه بل هو يحويك, ويمدك بقناعة انك واحد من اعضاء هذا المكان وانك لاتنتمي الا له فهو منك وانت منه , ثم تغار من تلك المخلوقات التي قابلتها حتي وان كانت دميمة المنظر بالنسبة لطالبي متعة النظر لامتعة الروح الابدية,هذا ماحدث قبل اسبوع حينما يممت وجهي صوب ادغال ربما كانت كتلك التي ارتادها حي بن يقظان , لاشئ سوي الخضرة التي تلفك وتستر عورات المدنية التي اختلقها البشر, لا صوت سوي جبهة الريح العالية وخرير عيون الماء والوان لا اصطناع فيها الا لله , لا شئ سوي معرض الاوان الحقيقي لفراشات يفوق حجمها العصفور الصغير لضخامة اجنحتها.


كان التقاء الغابة بالبحر عجيبا الي درجة اني ظننت ان اما تلف وليدها مخافة الفراق , لكن ارتداد الموج عن السفح االاخضر كان يذكر بام موسي اذ القته بعيدا عن ذراعيها عليه السلام.


سافرت الي هناك من اجل مشروع علمي , لكني وجدت نفسي اني ازداد جهلا كلما خطت قدماي اثرا علي ارض هي احق ان ترسم علي فناجين القهوة كي تذكرنا كل صباح اننا لسنا وحدنا هنا , وانما هناك عوالم اخري ليس لها عقول لكنها لاتشتكي القمع والحرب والفساد والجوع والظلم.


هناك في تلك الادغال جزء من العالم يظل حارا طول العالم , مطيرا طول العام , حقيقا طول العام .


هناك لا احد يحمل حقدا ابدا حتي غريزة القتل من اجل البقاء وليس للفساد, هناك كل شئ مبرر , هناك يكاد الضمير يصيح اراي خضرة ونضارة وحياة بلا عقل لكنها بلا احقاد, وانا الانسان اشقي بعقلي , لكم حسدتك ياحي بن يقظان حتي وان كنت من الوهم , كانت خمسة ايام من صفاء النفس .


مع كل الحر والبعوض والمطر لم اتذمر وان صح لي القدر من جديد لاجيبنه لمثلها.


ودمتم سالمين.











الثلاثاء، 6 مايو 2008

اثنان

ناجي العلي واحمد مطر, اخر اثرتبقي من زمن الكفاح العربي بالكلمة والصورة , اخر ما اذكره من ايام الطفولة وقصص البطولة عن رجلين كل مافي حياتهما قصة وطن وغربة شعب وحق ضاع وطلابه معتقلون في اوطانهم , اصحاب الحق جياع ومرضي والناس من حولهم يضحكون ويرقصون ,هكذا يري احمد مطر الانسان العربي في اوطانه, اما الراجل ناجي العلي فجرد ريشة الفنان ليرسخ مبدئ الفن من اجل القظية, رحل الفنان الذي يرسم بالقلم الاسود هموم الفلسطيني الاسير المحتل , رحل ولكنه رحل في زمن الكفاح والرجال الكبار , رحل بالرغم من انه لم يوافق علي رحيله لانهم قتلوه , رحل ولم يشهد زمن تسليم غزة الي جزارها والعراق الي جلادها , ومازال احمد مطر شاعر الغربة يشدو ويرسل كلماته لعلها تذكرنا بايام الابطال.
اثنان كبرت بي الايام علي افكارهما , اعشق الشعر الثمين الاصيل ولا اجد في الجماليات اروع من صورة تحمل فكرة حتي وان كانت بلا الوان , تحية لناجي العلي واحمد مطر ولكل من كان همه في الدنيا ان يكون ايجابيا.
قصيدة لاحمد مطر.

النملة قالت للفيل
قم دلكني
ومقابل ذلك ضحكني
واذا لم أضحك عوضني
بالتقبيل وبالتمويل
وإذا لم أقنع قدم لي
كل صباح ألف قتيل
ضحك الفيل
فشاطت غضبا
تسخر مني يا برميل
ما المضحك فيما قد قيل
غيري أصغر
لكن طلبت أكثر مني
غيرك أكبر
لكن لبى وهو ذليل
أيّ دليل ؟
أكبر منك بلاد العرب
وأصغر مني اسرائيل

ودمتم سالمين.