عشر سنوات مرت , كان الوجع الذي يطرح الجمال حبيس جوفه وروحه, عشر سنوات وكأن سكينا تخترق احشائه كل ساعة, لم يكن الطعام يستقر في جوفه ولا كان النوم يرسل وسوساته للعيون المتعبة, ليله سهاد وخناجر في الاحشاء , كان لاينام ولاتنام امه من شدة الفزع, اتعجب من قدرته علي الصمود عشر سنين, كان ممدا علي الفراش والام الرؤوم تضع الثلج علي جوفه لتخفف من حرقته, طلب الطب فحار اهله في امره , قالوا ياولدي مابك كأنه الخبيث لكننا لانملك الدليل, ولادواء سوي المسكنات التي باتت لاتنشر الا الملل في الجسد بدلا من الراحة, اشار عليه القوم ان اذهب الي العمرة ومن ماء زمزم اشرب, فعل. فكانت ايام هندة وحسب مالبثت ان خانها ذاك الوجع وعاد الي غزواته وصولاته.
اشتد عليه الامر حتي اصبح لاينام في اليوم الا ثلاث ساعات, ذبل الجسد وغارت العيون وتساقط الشعر من فروة الجلد,اشار طبيب بان لابد من صرف نوع من الكيماوي العلاجي المخفف , نصح اخرون بان الامر جاوز الحد, اصبح ينام بالمخدر ومنامه كوابيس لاناس هم اقبح من احدب نوتردام,ذهب الي ارض مصر لعله يجد فيها حلا فلطالما كانت مصر بالنسبة اليه بيتا ووطنا افتراظيا, لامزيد من الحلول كل الاطباء كرروا نفس الحديث الضعيف (مابك كانة الخبيث لكننا لانملك الدليل), عاد الي مستقره الاول في بلدته المنيرة, التمس في ليل الوجع ابوب السماء , بكي من حرقة الاوجاع , وفي يوم اتاه صديق من فرنسا فعلم باحواله فطلب من امه ان تخبره ان يخرج لصلاة العشاء في تلك الليلة في المسجد, خرج مع صديقه وكان الجسد كالشبح , اراد الصديق التخفيف من الوجع فازداد الامر واستوي علي اوجاعه, في الركعة الاخيرة خرج راكظا الي البيت كان الوجع والحمي قد بلغا منه الوهن واصابا منه كل بنان.
ثم انهار الجسد علي الارض ليصحو في منصف اليل ليجد نفسه محاطا باخوته التسعة واخواته السته وامه وزوجة ابيه كان الدمع هو الوحيد الذي يصدر صوتا,لكنه حينما صحي لم يجد للحمي ولا للوجع اثرا , كأن الماء القراح قد استقر في جوفه , اخذته الرؤوم الام وهي تبكي بين ذراعيها , كان صوتها يبكي فرحا وحزنا , لم يفهم شيئا سوي ان الوجع توقف وان جبلا كان فوق اكتافه قد زال, تقدم الاخ الكبير الرحيم وقال :ياحبيب القلب الحمد لله علي السلامه وكان يمسح دموعه , توقف هنية ثم اطنب وقال: لقد اغميت فحملت الي المشفي قال الطبيب بعد اجراء التحاليل هذا الفحل لايشكتي شيئا انما مابه سحر ورب الكعبة , ثم قال كان يخرج من الفم اصوات قبيحة لم نعهدها من قبل والفاظ اشد قبحا, تلونا شيئا من كتاب الله فخمد الصوت وتوقف الرعاش من الجسد وماتت الالفاظ علي الشفاه , ثم تقيئ الفم شيئا كأنه الفحم الاسود واشياء كانها اتت من جهنم , كان الممدد بين اخوته واخواته يستمع والعيون تتكلم والاخ الكبير الرحيم قال: الان هل ارتاح الفتي؟ رد الفتي لم افهم شيئا! لكني مرتاح الان , كان الوجع قد زال كان ممددا وهادئا كانت اول ليلة ينام فيها قرير السريرة , كان انا.
ودمتم سالمين.